فشل صهيونيّ
كشفت التغطيات الصهيونيّة والأخبار القادمة من الأراضي الفلسطينيّ المحتلة أنّ العدو الصهيونيّ القاتل لا يملك سوى بضعة تبريرات مخجلة ومكشوفة للتغطية على فشله وارتباكه في ما حدث مؤخراً، بيد أنّ المقاومة اللبنانية سجلت انتصاراً عظيماً يبرهن على قوتها وثباتها في مواجهة هذا العدو العنصريّ، وإنّ ما ذكرته وسائل إعلام العدو نقلاً عن مسؤول أمنيّ قوله: "إن الجيش ينفذ هجمات في لبنان منذ أيام قليلة، وهو ما لم يحدث منذ عدة سنوات، وإن الأجهزة الأمنية تتابع خيارات رد إضافية تتماشى مع تطورات الوضع الأمنيّ، ويتوقف استمرار العملية على الاحتياجات والجداول الزمنية المناسبة لإسرائيل"، خير دليل على ذلك.
وحسب إعلام العدو نفسه، فقد أخطأت الأجهزة الأمنيّة التابعة للعدو في تقديرها مرة أخرى، لأنها قدرت يوم الثلاثاء الماضي أن حزب الله لن يرد على الهجوم الإسرائيلي على لبنان، كما حدث تماماً مثلما أخطأت الحسابات الصهيونيّة عندما توقعت أن حركة المقاومة الإسلاميّة في فلسطين "حماس"، لن ترد على اعتداءات المسجد الأقصى وأحياء العاصمة الفلسطينيّة القدس، حيث جاء رد حزب الله الأخير كمفاجأة كبيرة لأجهزة الأمن الصهيونيّة خلافاً لتقديراتهم، كما وصف مراسل صحيفة "هآرتس" العبريّة، نجاح حزب الله في إطلاق صواريخ على شمال فلسطين المحتلة دون حصول الكيان على أي معلومات، بـ "الفشل الكبير الذي يجب التحقيق فيه".
ما الذي دفع "إسرائيل" لتجنب الحرب المفتوحة؟
بصراحة كما هو معروف عنه، تحدث الأمين العام لحزب الله اللبنانيّ، السيد حسن نصر الله ، أنّ "الذي منع ويمنع الجيش الصهيونيّ من شن غارات على لبنان هو خشيته من مواجهة كبيرة مع الحزب"، في ظل التخوف الصهيونيّ الذي ينبع من استمرار تطوير مشروع الصواريخ الدقيقة للمقاومة، والذي يهدّد الجبهة الداخلية للكيان بصورة عامة، إضافة إلى منشآت استراتيجية صهيونيّة، وقد تحدث موقع "والاه" العبريّ، في تموز الماضي، أنّ ترسانة الحزب تحتوي على صواريخ يتراوح مداها بين 15 و700 كيلومتر، وصواريخ مُجنّحة يصل مداها إلى 200 كيلومتر، وطائرات من دون طيار قادرة على الوصول إلى مدى 400 كيلومتر.
وإنّ القضية الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للعدو هي تعاظم قوة المقاومة اللبنانيّة من خلال صواريخ دقيقة يمكن أن تصل إلى انحرافٍ عن الهدف لا يزيد على 10 أمتار فقط، وهو ما وصف بـ "التهديد الاستراتيجيّ"، ويتحدث ضابط احتياط في جيش العدو، في معرض انتقاده تردُّدَ قوات العدو في توجيه ضربة عسكريّة ضد المقاومة، أن الأمر وصل إلى حيازة حزب الله صواريخ تبلغ مقداراً كبيراً من الدقة، وأن تل أبيب قبلت عملياً بهذا أمراً واقعاً.
كذلك، وبالتزامن مع انتصار تموز عام 2006، والنتائج التي نجمت عنه، عقب المعادلات التي فرضت واقعاً جديداً، أهمها أنَّ الكيان الصهيونيّ أصبح مرتدعاً بشدة عن مهاجمة لبنان والاعتداء عليه، كما كان يحدث في السابق، يؤكّد السيد نصر الله أن "ما منع العدو الصهيونيّ من شن غارات على لبنان خلال الـ15 عاماً الماضية هو خشيته من الذهاب إلى مواجهة كبيرة وواسعة مع المقاومة في لبنان"، وخاصة أن العدو المستبد يعلم أن أيّ هجوم ضد البنية التحتيّة لمشروع الصواريخ الدقيقة التابع للمقاومة سيؤدي على الفور إلى ردٍّ مزلزل من الحزب، الأمر الذي قد يسبّب حرباً مفتوحة ربما تمتد إلى حرب إقليميّة واسعة النطاق.
إضافة إلى ما ذُكر، فإنّ عدداً قليلاً من الصواريخ الدقيقة التي يملكها الحزب من بين مئات الصواريخ حسب تقديرات صهيونيّة تستند إلى تصريحات للسيد نصر الله، الذي يتمتّع بصدقية كبيرة في كل ما يقوله بين صفوف المسؤولين الإسرائيليين والعسكريين والمستوطنين على حدٍّ سواء، قادرة بشكل كبير على إلحاق أضرار غير مسبوقة بالكيان الباغي.
شيء آخر، هو تصاعد قوة محور المقاومة بشكل لا يوصف في السنوات الأخيرة مع تحقيق انتصارات مهمة في مختلف النواحي، بدءاً من إيران ومروراً بالعراق وسوريا ولبنان وليس انتهاءً عند فلسطين واليمن، وإنّ "إسرائيل" قلقة على وجودها أكثر من أيّ زمن مضى بسبب ما يجري في المنطقة والداخل الفلسطينيّ، وخاصة عقب الحرب الأخيرة التي شنّتها الآلة العسكريّة للكيان المعتدي على غزة، والتي تركت تل أبيب في صدمة من نتائجها على مختلف المستويات بعد الرد الحازم للفصائل الفلسطينيّة.
أيضاً، لا ترغب الولايات المتحدة في اشتعال الحرب الصهيونيّة المباشرة مع لبنان، لأنّ أسلوب واشنطن يأتي ضمن بث النزاعات الداخليّة والضغط الاقتصاديّ ومحاولة التأثير على شعبيّة وسمعة المقاومة، وبما أنّ حزب الله يمثل جزءاً مهماً من محور المقاومة، وتل أبيب تعتبر نفسها ركيزة المحور الصهيو-أمريكي التطبيعيّ في المنطقة، فلا يمكن للعدو الصهيونيّ أن يجازف بالذهاب إلى حرب مفتوحة مع هذا المحور من دون تجنيد محوره، حيث يصطدم الكيان الغاشم فعلياً بعدم رغبة الولايات المتحدة في تلك الحرب، بسبب حساباتها العالميّة الباحثة عن الانسحاب من الشرق الأوسط بأقل الخسائر، ناهيك عن أنّ العدو لا يثق أبداً بمساندة دول التطبيع في أيّ حرب مفتوحة محتملة، وخاصة أنّ العلاقات تمّت بناءً على استماتة كبيرة على المصالح لا أكثر، كصفقات الطائرات ورفع العقوبات وقضية الصحراء الغربية.
من ناحية أخرى، فإنّ حسابات اللاعب الروسيّ في المنطقة لا تتواءم مع حسابات الكيان الصهيونيّ، لأنّ موسكو لن تقبل بحرب مفتوحة تؤثر على مصالحها في سوريا على وجه الخصوص، وفي المنطقة بشكل عام، وبالتالي فإنّ صواريخ المقاومة اللبنانيّة والإعلان الرسميّ عنها يهدف إلى تحديد وتثبيت قواعد الردع مع العصابات الصهيونيّة، إضافة إلى قطع الطريق على مساعيها وحلفائها في فرض معادلات وقواعد اشتباك يصبح فيها لبنان بكامله مسرحاً لتنفيذ مخططاتها التخريبية في المنطقة، حيث إنّ صواريخ حزب الله لا تسعى إلى حرب مفتوحة حالية مع العدو، ولكنها تحمل في مضمونها رسالة واضحة من الحزب ومحور المقاومة، بأنهم جاهزون للتصدي لأيّ محاولة لتغيير قواعد الاشتباك، ولو كان الثمن الذهاب إلى حرب إقليميّة كبيرة.
والدليل على هذا، تصريحات الأمين العام للحزب: "الإسرائيليون قصفوا أرضاً مفتوحة فقصفنا أرضا مفتوحة"، و"أي ّغارة جويّة لسلاح الجو الصهيونيّ على لبنان سيتم الرد عليها بشكل مناسب ومتناسب"، و"كل المساحة اللبنانيّة ممنوع أن يتعرض لها العدو بغارة جوية حتى في الأرض... بتقصف منقصف"، و"مهما كان الوضع في لبنان وأياً تكن الظروف الداخليّة فإن الحزب سيحمي الشعب اللبنانيّ"، و"لا تخطئوا التقدير بأن لدى حزب الله مشاكل داخليّة صعبة وضاغطة، ولا تراهنوا على الضغوط التي تمارس على اللبنانيين ولا على الانقسام اللبنانيّ حول المقاومة"، و"أؤكد للعدو أن أكبر حماقة يرتكبها عندما يقرر الذهاب إلى الحرب مع لبنان".
المصدر: الوقت
LINK: https://www.ansarpress.com/english/23493
TAGS: